العرض في الرئيسةفضاء حر

في استقبال 2017 .. لا أمل لليمنيين سوى وقف الحرب

يمنات

عبير بدر

لم يكن يخطر في بال اليمنيين أن يطول أمد الحرب. كانت ثقتهم كبيرة بالإيمان اليماني، والحكمة اليمانية. ربما لا زالت آمالهم كما هي؛ بفجائية اللحظة التي يُسمع فيها خبر توقف الحرب وانتهاء الأزمة. لكن عاما كاملا من محاولة التدمير القيمي للإنسان ولضميره في البلاد، والحرب والحصار الذين تداخلت فيهما أوراق الانتقام والسياسة والاقتصاد والدين والأشخاص فرادى وجماعات، والتخلف المتزايد في كثير من مؤسسات البلاد أهمها التعليم والصحة والأمن، كل هذا من شأنه كسر أعتى النفوس وأصلب الإرادات.

لا يختلف اثنان على أن وسائل إعلام طرفي الصراع، في أي مكان بالعالم، ستزيّف حقائق وضع مواطني البلاد إما مبالغة في وصف الكوارث الإنسانية، شحتاً لدعم أممي، وتعاطف دولي، وتحقيقاً لمكاسب سياسية ضدّ الخصم، وإما مبالغة أيضاً لإظهار المكسورين بالصامدين الأبطال؛ مع أن المنطق العقلي وكذا التراث التاريخي يؤكدان ألّا صمود أمام آلة حرب تخطف أنفاس طفل وامرأة وكهل بالجملة، وتخطف قيمة الحياة في نفوس الباقين على قيد الرغبة في الانتقام.

يستطيع المتجول في أروقة الأحياء والحارات وصفحات الفيسبوك إدراك أن خيبة كبيرة تعتصر اليمنيين (الشعب) من أقصى اليسار إلى أدنى اليمين، من أكبر كبير (في هذا الشعب) إلى أصغر صغير. خيبة وصلت حدّ إهمال حساب الأيام، والتوقف على عتبة الأعوام لاستقبالها. ولم يكن هذا حال اليمنيين قط، وهم المصنفون عالمياً من بين أكثر الشعوب بساطة وقدرة على التكيف، تستهويهم زينة بداية العام البسيطة مثلهم، بدون تكلف أو غلو؛ مجرد أضواء تلمع على مباني المؤسسات الحكومية أو الشركات الخاصة والسجون، فتلمع معها أعين الصغار والكبار.

ها هو عام جديد يدخل عليهم بخيبة بدأت تتسرب عبر حروفهم المقتضبة في رسائل التهنئة، مفصحةً عن أمل يحتضر في نفوس اليمنيين، بعد 5 أشهر من إيقاف صرف المرتبات (مصدر الدخل الوحيد لمعظم الأسر في اليمن)، ناهيك عن الحرب والحصار المستمرين منذ أكثر من عام ونصف العام.

بعيداً عن المعاناة الإنسانية الناجمة عن الفقر والمرض والموت، هناك عوز أخر فرضه الفقد، ربما يتوارى اليمنيون عن التعبير عنه حياءً وخجلاً، بحكم طبيعتهم المتأثرة باتساع رقعة الجبال والصحارى في أراضي بلدهم، لكنه في أمنيته للعام الجديد عبر عبد الملك أمين السلامي، طالب دراسات عليا في صنعاء، عن “لهفة شوقه” لرؤية من وصفهم بـ”فلذات الكبد، اضطرتهم الحرب إلى مغادرة البلد لتحقيق نجاح بات مفقوداً في الوطن”، راجياً “عودة الأمن والأمان لعموم بلادي وبلاد العرب، وأن تحقن الدماء، وتسود المحبة والإخاء بين كل الفئات والاطياف”.

حين ينهار الوطن لا تبقى للنجاحات التي تتحقق على المستوى الفردي لأبناء الوطن المغتربين أي قيمة في أعينهم، فصدام أبو عاصم، صحافي مقيم في سويسرا، تعلم اللغة السويسرية في فترة قياسية خلال 4 أشهر من العام 2016، ومع ذلك يصف هذا العام بـ”الكئيب”، الذي “دُمرت فيه أحلام اليمنيين الكبيرة”. يتمنى أبو عاصم “أن يجد الدم المراق في البلد حدّاً، وأن يعود أمراء الحرب إلى رشدهم، ويعود لليمن نسيجه الذي مزقته المآرب الشخصية الضيقة”، وأن “يعود أبناء اليمن المشردون إلى بلدهم، وأنا أولهم”.

باختصار، يتفق معه أنور الأشول، إعلامي مقيم في مصر، سائلاً “الله وحده المنجي”، بأن يديم “(وطني) ممزقاً أو موحداً، فأنت الملاذ لكل من ذاق الهوان وكلّ من تشرد”.

توحد اليمنيون هذا العام في أمنياتهم، باتت رسائلهم، منشوراتهم، تصريحاتهم، تسأل الله وحده “توقف الحرب”، في دلالة على فقدانهم الأمل بحكمتهم وإيمان من على الأرض جميعاً. وسواء لدى من كان في الداخل أو في الخارج، أصبح الرجاء يتجه لوقف تدفق التشرد والاغتراب، فها هو بكيل عامر ردمان، ضابط في صنعاء، يرجوا الله أن “يلم شمل اليمنيين”، فيما يأسف هارون القليصي، مقيم في الأردن، أن تكون أمنيات أبناء اليمن في عامهم الجديد هي “أبسط حقوق الإنسان، الاستقرار في وطن، (نفينا) منه قسراً لنحيا”، ويقارن القليصي بين أمنيته هذه بأمنية سابقة “كنا نتمنى أن يكون لنا دولة تكتب على جواز سفر مواطنيها: سنحرك الأساطيل البحرية والجوية لنحمي حامل هذا الجواز في أي أرض وتحت أي سماء، بدلاً من (يُمحص صاحب هذا الجواز)”.

عن: العربي

للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى